علاج القدم السكري
التقدم في العمر وارتفاع التحضر وانتشار السمنة ورسوخ العادات الغذائية الخاطئة، كلها معطيات ساهمت في تضاعف عدد السكان المصابين بمرض ارتفاع نسبة السكر بالدم من النوع 2 لداء السكري، حيث تشير التوقعات إلى أن هناك زيادة كبيرة في المرضى الذين سيعانون من داء السكري، غير أن الخطورة لا تكمن في السكري كمرض فقط، بل الخطورة تتمثل في مضاعفاته، والتي من أشهرها بتر الأطراف والقدمين، أو ما يسمى بالقدم السكري، مما استرعى بعض المؤسسات الطبية الكبيرة لإنشاء مراكز طبية متخصصة لعلاج القدم السكري مع توفير كافة الإمكانيات الطبية اللازمة لذلك.
وتماشياً مع هذا الطرح، واستعداداً لما سوف يحمله المستقبل من مخاطر لمرضى السكري، نذكر حضرتكم ببعض المعلومات الطبية المتعلقة بالقدم السكري، من حيث الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوثه والأعراض الطبية المتلازمة له، مع وصف طرق التشخيص والمضاعفات التي قد تحدث للمريض، وطرق العلاج والوقاية منه تفادياً لخطر البتر لا سمح الله.
الأسباب الرئيسية لحدوث القدم السكري وعوامل الخطورة
إنه لمن الثابت علمياً أن مرض السكر يؤثر على جميع أجهزة الجسم المختلفة، حيث إن ارتفاع نسبة السكر بالدم لمدة طويلة يؤدي إلى التهاب الأعصاب الطرفية، والتهابات بالأوعية الدموية وضيق بالشرايين الطرفية، مما يؤدى إلى حدوث قصور بالدورة الدموية الطرفية، وبالطبع إلى صعوبة التئام الجروح. كذلك قد تتأثر الكليتين والعينين بمرض السكر، كما توجد بعض الأسباب الأخرى، ما قد يزيد من خطورة وارتفاع نسبة حدوث القدم السكري بين المرضى المصابين بالداء السكري. مثل:
- عدم ارتداء حذاء مناسب للقدمين أو السير عاري القدمين مما يؤدي إلى حدوث تكلّس واحمرار بالقدمين والأصابع مع زيادة نسبة حدوث التشققات والتقرحات والجروح السطحية والعميقة.
- التهابات الأعصاب الطرفية يؤدي إلى فقد الشعور بالألم بالقدمين، مع عدم إحساس المريض بالوضع الطبيعي للقدمين من حيث الراحة عند السير ،أو الشعور بالارتطام بجسم صلب ،أو الشعور بالحروق عند السير على أسطح ساخنة عاري القدمين، مما يسهل حدوث الإصابات والجروح بالقدمين.
- قصور الدورة الدموية الطرفية كنتيجة لضيق وتكلس بالشرايين الطرفية مع وجود التهابات بالشعيرات الدموية والشرايين الصغيرة المغذية للقدمين، مما يؤدي إلى بطء عملية التئام الجروح أو عدم التئامها تماماً، وذلك لعدم ضخ الدم بالكمية المناسبة لتمد الأنسجة بما يلزمها من عناصر غذائية وأجسام مضادة لمقاومة الميكروبات، ولإجراء عملية الإحلال وبناء الأنسجة.
- تؤدي الالتهابات الميكروبية والفطرية بالقدمين إلى حدوث مشكلات طبية جسيمة مع ضعف الدورة الدموية والتهاب الأعصاب الطرفية.
- الظفر الغائر بالقدم، والتعرض للارتطام بالأجسام الصلبة، وقص الأظافر بطريقة غير سليمة، مما قد يؤدي إلى حدوث جروح بالقدم مع زيادة نسبة حدوث الالتهابات الميكروبية.
- استخدام المواد الكيماوية الكاوية والحارقة لإزالة البثور، والتي قد تؤدي إلى حدوث جروح وحروق عميقة بالقدمين.
- التدخين وآثاره السلبية على جميع أجهزة الجسم المختلفة، حيث أن النيكوتين يؤدي إلى التهابات وضيق بالشعيرات الدموية والشرايين الطرفية الصغيرة المغذية للقدمين، مما يؤخر التئام الجروح وزيادة نسبة الإصابة الميكروبية وتعفن الجروح.
الأعراض الطبية المتلازمة لمرضى القدم السكري
- تورم القدم والساق قد يكون علامة مبدئية لحدوث التهابات القدم السكري.
- احمرار القدم مع ارتفاع درجة الحرارة دليل على وجود التهابات وعدوى ميكروبية بالقدم.
- شقوق أو خدوش بجلد القدم مع خروج إفرازات صديدية من القدم.
- وجود تشوهات بأظافر القدمين مع حدوث الظفر الغائر.
- تشوه بالقدمين وذلك لوجود التهابات نيكروزية تسبب التهاب وتفتت العظام الصغيرة المكونة للقدم مع ضعف بالأربطة المثبتة لها، وضمور في العضلات الصغيرة بالقدم، مما قد يؤدي إلى فقدان القدم للشكل الطبيعي، واختلال في توزيع وزن الجسم على القدمين.
- حدوث القروح والتقيحات أسفل القدم وفي أماكن تحميل وزن الجسم على القدمين، مما يؤدي إلى حدوث القرحة العصبية والتي من الصعب التئامها.
- حدوث برودة مع زرقة بأصابع القدم نتيجة لضعف الدورة الدموية كعامل مؤثر على حدوث القدم السكري والقروح التي يصعب علاجها في حالة وجود التهابات ميكروبية والتهابات بالأعصاب الطرفية.
المضاعفات الخطيرة
المضاعفات المصاحبة لمرض السكري خطيرة وطويلة الأجل إذا لم نشخصها في حينها ونحمي أنفسنا منها، حيث أنها تشمل اعتلال شبكية العين، إضافة إلى أمراض الكلى، كما أن السكري سبب رئيسي لاحتشاء عضلة القلب وتصلب الشرايين وأمراض القلب، علاوة على اعتلال الدورة الدموية الطرفية، وأمراض الأوعية المخية، وتلف الأعصاب.
إن أهم ما يخشى من مضاعفات السكري الخطيرة، أنه غالباً ما يؤدي الجمع بين تلف الأعصاب مع القصور في إمدادات الدم للساقين والقدمين إلى القرح والعدوى والغرغرينا السكرية، وقد يسفر ذلك في نهاية الأمر عن البتر، وحتى الوفاة.
قرحة القدم
إن 85% من عمليات بتر الأطراف السفلية المتعلقة بالسكري تسبقها قرحة في القدم، فعالمياً يصاب كل عام أربعة ملايين شخص بقرحة في القدم، على أن هذه القرح يمكن منعها ومعالجتها في المراحل المبكرة، وحتى إذا كانت مشاكل القدم بدون ألم، فهي لا تزال خطيرة، حيث أن مشاكل القدم السكري تتزايد مع تقدم السن، والبتر يكون أكثر شيوعاَ في الرجال عنه في النساء، حيث أن السكري سبب 70% لحالات البتر بدون حوادث.
مؤشرات البتر
وحول مؤشرات الخطر التي قد تنذر ببتر أحد الأطراف، فإن هناك علامات تحذير للقدم المهددة بالبتر منها تورم القدم أو الكاحل، وبرودة القدمين، وتغيير لون الأصابع أو الأقدام، إضافة إلى وجود ألم في الأرجل عند المشي أو الراحة، مع عدم نمو الشعر على الأقدام، وحدوث قروح مفتوحة، أو جروح غير ملتئمة، وكذلك وجود بثور بالقدم، والنمو الداخلي لأظافر أصابع الأقدام، فكل هذه الأعراض تعتبر علامات إنذار خطيرة.
الفحص السريري
وعلى هذا الأساس ترجع أهمية الكشف المبكر لمشاكل القدم السكري، مبيناً أن التدخل العلاجي السريع هو المفتاح لتحسين النتائج، علاوة على أن العلاجات الحديثة شهدت تقدماً في العناية بتقرح القدم السكري، إضافة إلى تطور عوامل النمو، وبدائل الجلد وعلاج الجروح بأساليب مبتكرة لتحفيز التئام الجروح وتوصيل الشرايين الطرفية واستخدام البالون لتوسيع الشرايين الضيقة عن طريق القسطرة الطبية.
و بالرغم من التقنية المتقدمة والتدريب المستمر لعلاج القدم السكري، إلا أننا كثيراً ما نضيع أسهل وأقل التقنيات تكلفة للتقييم والتدخل، وهي تقنية الفحص السريري، لذا يجب علينا إعطاء أولوية لذلك للفحص الأساسي من حيث سلامة الدورة الدموية الطرفية ومدى القدرة على الشعور بالألم ودرجة الإحساس بالقدمين عند مرضى السكر مع عدم وجود أي تقرحات أو جروح غير مرئية.
العلاج الطبي
غالباً ما يتم علاج مرضى القدم السكري عن طريق فريق طبي متخصص لعلاج القدم السكري يتضمن أطباء استشاريين في كل من:
- الأمراض الباطنية والغدد الصماء لضبط ومتابعة نسبة السكر بالدم.
- جراحة الأوعية الدموية لمتابعة الدورة الدموية الطرفية وإصلاح أي قصور بها مع عمل الوصلات الشريانية لتوصيل الشرايين باستخدام شريان صناعي أو الوريد الصفن الأعظم أو استخدام القسطرة الطبية لعمل توسيع بالبالون وكذلك عمل الغيارات اليومية ومتابعة الجروح بطريقة علمية صحيحة.
- جراحة التجميل وذلك لعمل الرقع الجلدية اللازمة لإصلاح القرح العصبية بالقدم والطعم الجلدي إذا لزم الأمر.
- الأشعة التشخيصية والتدخل العلاجي تحت الاشعة لعمل فحص الشرايين بالصبغة والأشعة المقطعية على الشرايين.
- قسم المختبر والتحاليل الطبية.
- أخصائي العلاج الطبيعى والتأهيل النفسي.
- أخصائى التغذية لعمل التوعية الطبية بسبل التغذية الصحيحة.
- أخصائي اجتماعي لعمل التوعية الطبية الأولية لمرضى السكر ونشر الثقافة الصحية .
وحيث أن التثقيف يعد الوسيلة الأقوى تأثيراً في التدخل للحد من مخاطر مضاعفات مرض السكر بشكل جوهري، فالتركيز على القدم السكري يؤدي إلى الاهتمام المطلوب للتعرف والعناية مبكراً بتلك الحالات، لمنع أو تأخير ظهور نتائج عكسية في المستقبل.
نصائح طبية لمرضى السكر لتفادى المضاعفات والقدم السكرى
يعتبر مرض السكري من الأمراض المزمنة والتى يجب على المريض به التعرف عليه ومصاحبة المرض كصديق حميم سيلازمه طيلة عمره لا كعدو لدود أو مرض خبيث لا يمكن الشفاء منه، كي نتجنب المضاعفات المرضية التي قد تحدث لبعض مرضى السكر نتيجة لعدم اتباعهم الإرشادات الطبية السليمة وتنظيم مستوى السكر بالدم عن طريق الوقاية خير سبيل.
نصائح للحد من مضاعفات مرض السكر
- مراقبة وفحص القدم يومياً من أعلى ومن باطن القدم باستخدام المرآة والتأكد من عدم وجود خدوش وجروح وظهور بثور أو قرح بالقدم بواسطة المريض نفسه أو أحد أقاربه إذا لم يستطع بنفسه.
- توخي الحيطة والحذر عند تقليم الأظافر بحيث تكون نهاية الظفر مستقيمة ولا تسمح بنمو الظفر إلى داخل الإصبع أو ما يسمى بالظفر الغائر.
- عند اختيار الحذاء يجب أن يكون مريحاً للقدم ومناسباً لمقاس القدم، لا ضيق ولا واسع والنعل من الجلد الناعم.
- التأكد من عدم وجود أى أجسام صلبة داخل الحذاء عند ارتدائه.
- عدم السير بدون نعال أو حذاء مع ارتداء الجوارب القطنية النظيفة باستمرار مع تغيرها كل 6 ساعات.
- التأكد من تجفيف القدمين بصورة جيدة خاصة بين الأصابع.
- التأكد من درجة حرارة الماء قبل غمس القدمين بها عند الاستحمام أو غسيل القدمين، وذلك عن طريق غمس الكوع اولاً أو باستخدام ترمومتر حراري.
- عدم الارتطام بالأجسام الصلبة والسير على الأسطح الساخنة وغير ناعمة الملمس عاري القدمين.
- ترطيب جلد القدمين بأي كريم مرطب للجلد للمحافظة على نضارته وعدم جفافه.
- الإسراع في مشورة الطبيب المعالج عند حدوث أى أعراض غير طبيعية على القدم، كبرودة القدم وزرقة بالأصابع واحمرار للقدم ووجود تشققات وقروح وجروح أو تورم بالقدم.
- عدم استخدام أي مواد كيماوية أو حارقة لاستئصال الكالو من القدم.
- الاهتمام بضبط مستوى السكر بالدم عن طريق استشارة طبيب السكر المعالج.
- الإقلاع نهائياً عن التدخين بكافة صوره وأنواعه.
إذا كنت تريد استشارة طبية من قسم الجراحة العامة
قم بزيارة الطبيب في سابا 2، حي أم السلم
د. حمدي حجاج
متخصص في علاج القدم السكري ومضاعفاته وعلاج الالتهابات والتقرحات